حدد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أسامة حمدان أربعة مسارات مطلوبة فلسطينيًّا وعربيًّا ودوليًّا، لمواجهة صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التصفوية.
وقال حمدان في حوار مع صحيفة "فلسطين": إن المسار الأول إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني على قاعدة التحرير، وهذا الأمر يقتضي بالضرورة إنهاء الانقسام وإعادة بناء وهيكلة منظمة التحرير.
وأوضح أن المسار الثاني هو الخروج من مسار التسوية، والقول بوضوح إن منظمة التحرير لم تعد تلتزم ما وقعت عليه مع الاحتلال في الاتفاقيات السابقة بعدما لم تحصل على شيء.
وبين أن المسار الثالث يتمثل في وضع برنامج مقاوم ضد الاحتلال، والرابع التحرك على المستويين العربي والدولي لحشد الدعم للموقف الفلسطيني.
وأشار إلى أنه لم يبقَ أمام الفلسطينيين إلا خيار واضح ومحدد بالعودة للوحدة الوطنية والتماسك وإعلان الخروج من مسار "أوسلو" والعودة إلى الكفاح المسلح.
وشدد حمدان على أن وحدة الموقف الفلسطيني يمكن أن يسهل عملية إسقاط المشروع الأمريكي وحماية القضية الفلسطينية، مبيِّنًا أن الذي يخرج عن الوحدة إنما يقف بجانب تصفية القضية.
وتابع: "لا نريد أن نحكم مبكرًا على المواقف ونأمل أن يلتقط الجميع الفرصة، وأن نسعى بشكل متكاتف لإسقاط صفقة ترامب وهذا الأمر أسهل بكثير إذا ما توحدنا".
وعما إذا كان حديث السلطة عن وفد سترسله إلى قطاع غزة قريبًا، يشكل أرضية جديدة لإنهاء الانقسام، أعرب حمدان عن أمله في ذلك، مبينًا أن رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية أكد بوضوح، أهمية الوحدة الوطنية في اتصال هاتفي أجراه برئيس السلطة محمود عباس، مؤخرًا.
واستدرك القيادي في حماس، بأن إنهاء الانقسام يظل منوطًا بأصحاب القرار وقيادات الفصائل للعمل معًا في تحقيق الوحدة، قائلًا: "نحن جادون وقدمنا خطوات عديدة لتحقيق المصالحة لإنهاء الانقسام"، معربًا عن أمله أن يكون الأمر هذه المرة حاسمًا بتحقيق الوحدة.
وأضاف: "ما زلنا في بداية الجهد، ووهي خطوات جيدة وبداية موفقة نأمل أن تتوالى الخطوات حتى نصل إلى إسقاط الصفقة والبدء في استعادة الحقوق الوطنية".
في السياق، لفت حمدان إلى أن جملة من الصراعات التي تجري بالمنطقة العربية الهدف منها تهيئة بيئة ليصبح الاحتلال عضوًا طبيعيًّا بالمنطقة وتصفية القضية الفلسطينية، وخلق بيئة عربية لا تستطيع المقاومة والضغط عليه، مشددًا على ضرورة إعادة توجيه البوصلة ضد الاحتلال كعدو إستراتيجي بالمنطقة، وهذا من شأنه أن ينهي جملة من الأزمات العربية.
وقال حمدان: إن المشروع الأمريكي يأتي تتويجًا لسلسلة من الخطوات التي قامت بها إدارة ترامب بدءًا من عملية نقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) للقدس المحتلة والاعتراف بها "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل) وفرض ما تسميها واشنطن "سيادة" الاحتلال على الجولان العربي السوري المحتل.
وأضاف بأن أمريكا والاحتلال "يفرغان ما في جعبتهما حول عملية التسوية بالصورة النهائية ويكشفان أن ما قدرناه حول نهاية مسارات التسوية في موقع صحيح (...) قلنا إن التسوية لن تعيد الحقوق وهي مبنية على المصالح والرغبة الإسرائيلية كلها".
"صفقة معزولة"
وعما إذا كانت المواقف الدولية الرافضة لبنود صفقة ترامب عزلت المشروع الأمريكي، قال حمدان: إن "سلوك ترامب عزل الصفقة بعدما أخذ جملة من القرارات بعكس القانون الدولي بعد اعتدائه على حقوق وطنية يلتزم بها العالم".
وأضاف: "ترامب لم يقبل أن يكون هناك شريك معه بصفقته لأنه يعلم أنها غير مقبولة فعزل الصفقة بينه وبين نتنياهو"، مشددًا على أن المطلوب فلسطينيًّا التقاط الفرصة المهمة في ذلك لإسقاط صفقة ترامب.
وعن تداعيات صفقة ترامب على القضية الفلسطينية، أوضح حمدان أنها تنص أنه لا دولة فلسطينية وهي تعيد الفلسطينيين للوراء إلى سلطة الحكم الذاتي لمدة أربع سنوات، وهذا مشروط بأن تحارب المقاومة، وأنه لا عودة للاجئين ولا قدس ولا عاصمة لفلسطين، مشيرًا إلى أن الحديث عن مستقبل اللاجئين لا يعني ترامب ولا نتنياهو اللذين يسعيان "لتوطينهم" المرفوض فلسطينيًّا بالدول العربية، مشددًا على أن المطلوب أن يكون هناك موقف عربي من الدول المضيفة للاجئين يضع الإدارة الأمريكية أمام عنوان عودة اللاجئين أو تركهم يقاومون.
ولفت حمدان إلى أن صفقة ترامب تستهدف المقاومة عند الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة، وتهدف إلى إعلان الحرب على المقاومة, ودفع الفلسطينيين نحو حرب أهلية.
وقال: "عندما اخترنا طريق المقاومة كنا ندرك أنه ليس سهلًا، وأنه يوصل إلى التحرير فهو مشروع متواصل"، معتقدًا أن ما طرح من بنود صفقة ترامب يؤكد أن المشروع الوحيد الأصيل هو مشروع المقاومة.
روح وطنية
وعلق حمدان على البند المتعلق بما يسميه ترامب والاحتلال "نزع" سلاح المقاومة، مشيرًا إلى أن الاحتلال البريطاني جرب نزع سلاح المقاومة وأنه خسر معركته في هذا الجانب، وأن الاحتلال الإسرائيلي عندما وقع اتفاق "أوسلو" ظن أن الشعب الفلسطيني سيستسلم.
وأشار القيادي في حماس إلى أن الفلسطينيين الذين ولدوا في ظل أوسلو، وفي ظل التسوية عبر 27 سنة هم الآن الذين يتمسكون في حقوقهم بالعودة، وهو ما عكسه تقدمهم لمسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية، وهذا مؤشر أن إرادة المقاومة لدى الشعب تتعلق بروح وطنية مرتبطة بالشعب، مؤكدًا أن نزع سلاح المقاومة مسألة لا يمكن تحقيقها، لأن الشعب يستطيع انتزاع حقوقه بالمقاومة.
ونبه حمدان إلى أن حراك حركة حماس لحشد المواقف العربية والدولية بدأ قبل الإعلان عن صفقة ترامب التصفوية، وذلك في سياق الدفاع عن القضية الفلسطينية، وفي ظل إعلانها الحراك سيكون أكثر أهمية.
والثلاثاء الماضي، أعلن ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو، خطته لتصفية القضية الفلسطينية، ومن بنودها: عد مدينة القدس المحتلة بالكامل "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل)، ومنع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة سنة 1948، والإبقاء على المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وسيطرة الاحتلال على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت.
وتشترط صفقة ترامب التصفوية على الفلسطينيين الاعتراف بما يسمى "يهودية" (إسرائيل)، وسحب سلاح المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والتفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي على أساس ذلك، للنظر في إقامة دولة فلسطينية مستقبلية، بلا سيادة، على ما تبقى من أراضي الضفة والقطاع.